نظم مجموعة من الشباب السوريين حملة لمقاطعة شركتي الهاتف الخلوي "سيرياتيل" و"ام تي ان" الوحيدتين في البلاد، لإجبارهما على تخفيض الأسعار والرسوم التي تفرضها الشركتان على زبائنهما.
ودعا منظمو الحملة إلى مقاطعة الشركتين في يوم 1 تموز، ولمدة ساعتين فقط، بهدف رفع الاحتكار عن هذا القطاع، وإدخال مشغل ثالث والسماح بالتنافس الحر، ووقف التنسيق بين الشركتين المشغلتين على صعيد الأسعار والعروض والخدمات.
وتتقاضى شركتا الاتصالات السوريتين 4 ل.س للدقيقة الواحدة، وتحتسبها من الثانية الأولى، كما تفرض رسم اشتراك شهري يقدر ب 300 ل.س، بعد أن كانت 600 ليرة.
المسؤول الإعلامي للحملة رامي نخلة يقول في حديثه لـ (زمان الوصل): " الثانية تعني ثانية ولا يمكن بأي منطق رياضي أو فلسفي تفسيرها على أنها دقيقة كاملة، نحن نعلم أن البنى التحتية لشركتي الاتصالات تمكنهما من الفوترة بالثانية".
استخدم منظمو الحملة رسائل البريد الالكتروني وموقع الفيس بوك، لإيصال رسالتهم إلى أكبر عدد ممكن من المشتركين في سوريا، كما خصصوا موقعا الكترونيا للحملة، تضاف إليه يوميا مئات التواقيع المتضامنة على صفحة "العريضة الالكترونية الرسمية للحملة السورية لمقاطعة الموبايل".
ويعتقد نخلة أن الحملة خاطبت وجع الشارع، بحيث "أصحبنا نجد مبادرات فردية من المدونات، والأفراد، والمنتديات الرياضية".
أنس شبابيبي 30 عاما، موظف في بنك، علم بموضوع حملة المقاطعة من خلال أصدقائه بالعمل، فقاطع الشركة وساهم بنشر الخبر كما يقول. معتبرا أن أسعار خدمة الخلوي مرتفعة إذا ما قورنت مع أسعار الدول المجاورة ودخل المواطن.
ويضيف أنس: "يجب أن تتكرر هذه الحملة لتصبح فعالة، لا أعرف فيما إذا سترضخ الشركتان لمطالب المشتركين، لكنني سأشارك في جميع الحملات القادمة"
احتكار وخدمات سيئة
وحول ما تمارسه الشركتان من احتكار في سوق الاتصالات السورية قال أنس : لم أسمع بقانون منع الاحتكار، لكنني اعتقد أنه يتوجب على الحكومة أن توقع عقود استثمار مع شركات أخرى في مجال الهاتف الخلوي، لأن الشركتين نسخة طبق الأصل عن بعضهما البعض، ولا اختلاف بينهما إلا في الأسماء.
ويشكو السوريون باستمرار من الخدمات السيئة لشركتي الخلوي، والقوانين التي تضعانها سعيا وراء الربح على حساب الزبائن.
أبو محمد 58 عاما، وهو موظف في الشركة السورية للنفط، شارك في حملة المقاطعة ، مشيرا إلى أنها جيدة وستؤثر على الشركتين مستقبلا، محملا وزارة الاتصالات المسؤولة عن عدم دخول شركات منافسة، مضيفا "يجب أن يشجعوا المنافسة، لأنها تعني خدمات و ميزات أفضل".
ويروي أبو محمد قصة صديق له سافر لقضاء العمرة، فتأخر عن دفع فاتورته 15 يوماَ، ومع أنه من المشتركين الأوائل قطعوا خطه، وغرموه ب 300 ل.س، رغم أنه لم يتأخر بالدفع إطلاقا، وبعد أن احتج لدى الشركة، أخبروه بأنهم فعّلوا له ميزة الاتصال الدولي مع أنه لم يطلب ذلك، "لماذا لا يسألون الناس ما هي احتياجاتهم فعلاَ ".
ويتحدث أحمد حمزة 27 عاما، وهو خريج أدب إنكليزي، حوالي 10 دقائق يومياَ بفاتورة شهرية تقدر 1300 ل.س شهرياَ، موضحا أن سعر الدقيقة مرتفع جدا، وأن "هناك من يستفيد من بقاء الشركتين بالسوق".
شذا نهار 39 عاما، تدفع ما يقارب 4500 - 5500 ل.س شهريَاً لشركة الاتصال، وهي مجبرة على الاشتراك بهذه الشركة، فلو وجدت شركة أخرى لما استعملت سيرياتيل كما تشير، وتشكو شذا من عدم وضوح الصوت، والتغطية السيئة في بعض المناطق و كثرة الانقطاعات، خاصة عند الخروج من العاصمة، أو في حال المرور قرب حائط عالي نسبياً.
تقدمت شذا منذ 6 سنوات بشكوى رسمية لشركة سيريا تيل، بسبب الخدمة السيئة خاصة في فترة المباريات الرياضية، حيث تضطر لإعادة مكالمة مدتها دقيقتان أكثر من مرة، لأن الخط ينقطع كل 10 ثواني، فكان رد الشركة أن هنالك ضغط على الشبكة في هذه الأوقات.
وتتساءل شذا: "لماذا باعوا هذا العدد من الأرقام، إذا كانت الشبكة لا تستوعب هذا العدد من المشتركين".
بين سوريا ودول العالم
طارق المهاجر27 عاما، يدرس اللغة العربية و الإنكليزية في ألمانيا، يقضي إجازته السنوية في سوريا، ويقارن بين شركات الاتصال في سوريا وألمانيا قائلا : في ألمانيا 4 شركات اتصالات رئيسية ( فودافون- أوتو- تليكوم- دي ون )، أنا أدفع ما يقارب 30 يورو شهرياً على الاتصالات علماً أن متوسط الدخل في ألمانيا 1500 يورو، اشتركت بخدمة الفلات ريت، فمن خلالها أستطيع أن أتكلم على خطوط نفس الشبكة لمدة شهر 24/ 24 ساعة، فتصبح المكالمة مجانية تماماً ما عدا ( 25- 30 يورو شهريا) و العقد لمدة عامان، تحصل على جهاز الموبايل عند توقيع العقد مقابل أن تدفع ( 20 - 70 - 100 يورو ) حسب نوع الجهاز، والمكالمة للشبكة الأرضية مجانية دائماَ.
ويكمل طارق:"طلبت تعبئة وحدات أثناء زيارتي لسوريا، دفعت قيمتها، ولم تستكمل الشركة إرسال الوحدات المدفوعة الثمن إلا بعد مرور شهر ، قالوا إنه عطل، لو حدث ذلك معي في ألمانيا لقاضيت الشركة و حصلت على تعويض أيضاً، كما أن الرسائل النصية لا تصل أحيانا من سوريا إلى ألمانيا أو أمريكا، وحجتهم أنهم لم يوقعوا اتفاقيات مع باقي الشركات العالمية".
بلال شركس 31 عاما، وهو أردني يعمل بالتجارة بين سوريا والأردن، يدفع حوالي 6 آلاف ل.س كل شهر، ويعتقد أن الخدمة في سوريا سيئة مقارنة مع الأردن، فشركات الخلوي في بلده تحسب المكالمة بنظام الثواني بالثانية بعد تجاوز الدقيقة الأولى حسب قوله.
ويتحدث شركس 3 دقائق من سوريا إلى الأردن بتكلفة 100 وحدة وسعرها 90 ل.س، فيما يتحدث ب 100 وحدة من الأردن إلى سوريا وسعرها 110 ل.س 8 دقائق، مضيفا "لا أحد يشتكي في الأردن، لأن العروض قوية والناس تختار ما يناسبها".
ويوضح شركس: "استخدم في الأردن نظام (السوبر)، فاختار خمسة أرقام أتكلم معهم مجانا 24/24 ساعة، مقابل دفع ما يعادل 150 ل. س أسبوعيا، وإذا كان أحد الأرقام الخمسة دوليا، فإن أجرة المكالمة تصبح نصف القيمة الاعتيادية، أما باقي المكالمات فهي مقابل 1 قرش أردني لكل دقيقة من نفس الشبكة، و4 قروش للدقيقة للشبكات الأخرى".
بينما قال السيد اسامة المصري 27 عام : انا سوري اقيم في الإمارات العربية المتحدة واعمل هناك كمحاسب تجاري ادفع اقل من 1% من اجمالي دخلي على الاتصالات الأسعار متقاربة جدا بين سوريا والإمارات لكن الخدمة هنا سيئة .
واضاف : وجود شركتين غير كافي , صحيح ان الاتصالات في الامارات هي الاغلى خليجيا الا ان الدخل هو الاعلى ايضا وهنا تكمن الفجوة عند مقارنة سوريا معها اما فكرة المقاطعة فهي ممتازة ولكن المدة قليلة يجب ان تكون لاسبوع او اكثر حتى تدفع الشركات للتعاطى بايجابية اكثر مع مطالب المشتركين
"سيرياتيل" و "ام تي ان" لاتكترثان للحملة: وتقدمان " خدمات ممتازة "
زمان الوصل اتصلت بشركة سيريا تيل، لمعرفة وجهة نظرها تجاه حملة المقاطعة، فاكتفت الموظفة بتسجيل الطلب ورقم الهاتف، قائلة: "سنعاود الاتصال بكم لأن الموظف المسؤول غير موجود في مكتبه"، إلا أنهم لم يتصلوا حتى تاريخ كتابة هذا التحقيق.
لكن أحد موظفي الشركة قال لـ (زمان الوصل) طالبا عدم ذكر اسمه : "الجهة التي تقود حملة المقاطعة غامضة ولم ترعاها أية جهة رسميا، لذا فهي ضعيفة، ولم تؤثر على عملنا نهائيا، وبالكاد تذكرناها ، لو استمرت الحملة لأكثر من يوم ربما ظهر أثرها،اعتقد أن الفكرة غير واقعية، لأن استخدام الموبايل مهم جدا في حياتنا اليومية".
ويعتبر الموظف أن سيرياتيل تسعى لتقديم خدمات متنوعة لكل المشتركين من جميع الشرائح، مشيرا إلى أن دخل الفرد في سوريا لا علاقة له بحجم الإقبال على الخدمة، و"أسعارنا أرخص مقارنة بالأردن ولبنان"، يستطيع المشتركون في سيرياتيل الحصول على خدمة استقبال الاتصالات دون إرسال لمدة سنة كاملة مقابل 100 ليرة شهريا، و"هو حل ممتاز لذوي الدخل المحدود" على حد قوله.
وحول قطع الخطوط في حال عدم تعبئة الرصيد أوضح الموظف : نحن نعطي فترة 10 أيام للدفع، و3 أيام استقبال، بما يقارب نصف شهر قبل توقف الخدمة بشكل كامل، ويعاد وصل الخدمة آليا بعد الدفع خلال مدة أقصاها 24 ساعة وأحيانا 10دقائق.
من جهتها أشارت يارا رستم منسقة قسم العلاقات العامة في شركة ام تي ان، إلى أن الحملة لم تؤثر على عمل ام تي ان، لغياب التنسيق، فهي مبادرة فردية، ولسيت الطريقة الأمثل للوصول إلى تخفيض الأسعار، الموبايل شيء أساسي لايمكن الاستغناء عنه، مضيفة : "لم نعرف في ام تي ان بهذه الحملة إلا من خلال مواقع الانترنت، والرسائل الالكترونية التي وصلت إلى البريد الشخصي لبعض موظفي الشركة، حيث لم تصل أي رسالة رسمية إلى ام تي ان ".
وتعتقد رستم أن الطريقة المناسبة لتخفيض السعر، تتمثل في التعاون مابين وزارة الاتصالات ومؤسساتها والشركات المشغلة في سوريا.
وتضيف رستم : أم تي إن موجودة في 21 بلدا حول العالم، ولديها 100 مليون مشترك، 3 ملايين منهم في سوريا، وأن أغلب الخدمات موجودة في ام تي ان سوريا، التي تقدم كل جديد في مجال الاتصالات وبمقاييس عالمية، وبنوعية خدمات تفوق دول الجوار، مثلا عرض ام تي ان شباب، وخدمة الجيل الثالث في سوريا أسرع من مثيلتها لبنان، على حد تعبيرها.
وأوضحت رستم أن نظام الثواني لم يطبق في كل دول العالم، لكنه مطروح للنقاش في وزارة الاتصالات، معتبرة أن أسعار أم تي إن متناسبة مع الواقع الاقتصادي السوري.
ويعلق رامي نخلة المسؤول الإعلام في الحملة على حديث رستم قائلا: من الطبيعي أن يسمعوا بالحملة من خلال المواقع الالكترونية، لكننا نعمل على أن يسمعوا بها ويروها قريبا في الشارع وعبر الراديو والتلفزيون، سنخاطب شركتي الاتصالات بشكل رسمي، وبعد بجمع التواقيع على عريضتنا الإلكترونية، سنقوم بتقديمها إلى كل الجهات الرسمية المسؤولة، كمجلس الوزراء ووزارة الاتصالات وسيريا تيل وام تي ان، و"في حال لم تستجب الشركتان لمطالبنا سيكون هناك مقاطعة كل 15 يوم لمدة ساعتين وبعدها كل أسبوع ".
ويتابع نخلة: "أرجو أن يسمحوا لنا أن نحدد - نحن - ما هي الطرق المثلى للضغط عليهم، فلا نريد توجيهاتهم في هذا الموضوع، نسمع منذ سنين عن دراسات لتخفيض الأسعار، فهل هذه هي طريقتهم المثلى، نحن نراها طريقة مثلى للمماطلة والتهرب لا أكثر".
ويبدي نخلة عتبا على بعض الصحف والمواقع الالكترونية، التي لم تضامن مع الحملة بشكل فعال، لدرجة أن بعضها حذف مقالات حول الحملة بعد نشرها بساعات، مشيرا إلى موقع "سيريانيوز" الذي حذف الخبر، لأن له مصالح مادية مع الشركتين، فهو يستضيف إعلانات لشركتي الاتصالات، ومن غير المنطقي أن يضعوا إعلان للشركة أعلى الصفحة، وفي أسفلها إعلان آخر يدعو لمقاطعتها، حسب تعبيره.